تعالوا نلعب!!

على نور شمس الصبحية واقف على رخامة المطبخ بيقطع العيش؛ “البايت من بالليل” و بيطلع حتة من علبة الجبنة و بياخد شريحة خيار متقطعة يحطها مع الجبنة بمعلقة؛ “يرجع يحطها” في برطمان المربى و يعمل بيها ساندوتش تاني يحطه في كيس أخده من درج المطبخ الي فتحه؛” بنفس الايد” الي أخد بيها الجبنة… يبص على الحصيلة برضا؛ ويحط الغنيمة في شنطته ويفتح باب الشقة و يرزعه وراه؛ رزعة محترمة؛ … تصحى على صوت الرزعة “المتعمدة” وتدخل المطبخ بتردد ومن أول نظرة تهاجمها مشاعر متعاكسة وأفكار متناقضة….
دموعها نازلة من عينيها و بتاخد نفسها بالعافية وبتضغط على شفايفها بقوة كأنها خايفة الكلام يهرب منهم؛ دموعها بتلخبط الرؤية؛ ومع ذلك نظرتها لها كلها عتاب وحزن؛ بتاخد نفس عميق متقطع وبزفير قوي بتلف للناحية التانية وتمشي بخطوات عنيفة ولسة هترزع باب اوضتها ؛راحت نزلت ايدها بقلة حيلة واختفت في ضلمة اوضتها. و مامتها بتراقب الموقف بعينين ضيقتين بتهاجمها مشاعر متعاكسة وأفكار متناقضة…..
بعينيها بتتابع فرو السجادة التركي الي كعب حذائها العريض عامل فيه حفرة؛ بتسمع كلامه؛ وبيبص عليها بتعاطف حزين و بيتكلم بصوت هادي وعميق بيحاول يختار كلامه بحكمة وكل ما يخلص جمله ترفع راسها ببطء وترد بضعف:- (أيوة…بس…مش هينفع)
يستجمع أفكاره ويحاول بتفهم وحكمة أكبر وهيا مع كل رأي ترد بضعف:- (أيوة….بس….مش هعرف)…
(يلعب الناس ألعاب كبديل للمودة الحقيقية والعلاقات الواقعية ولكل لعبة مردود معين يتحقق لأحد اللاعبين أو لكل منهما)
(إيريك بيرن 1961)
المقصود باللعب هو المعاملات الاجتماعية بين الأفراد سواء ايجابية أو سلبية كل المعاملات لها خطة وهدف لأنها بتشبع دوافع مختلفة سواء  مدركين ليها واخترنا اننا نخفيها عن شركائنا في التعامل (اللعبة) بهدف الوصول لنتيجة معينة{ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ۚ }  أو دوافع خفية احنا مش عارفينها!! ((أنا مش عارف بعمل كدة ليه؟!!))
الانسان اجتماعي بطبعه لكن التفاعل الاجتماعي المباشر بيتأثر بعوامل كتير علشان كدة كل ما بنكبر بنتعلم حيل تفاعلية معقدة أكتر لكن بيفضل جوانا الطفل الصغير الي كان بيعبر عن الي جواه باللعب فيتحول تعاملنا و تفاعلنا مع الي حوالينا لتفاعلات غير مباشرة أو رسايل ضمنية عايز أوصلها للي قدامي علشان في النهاية أوصل لهدف ما و بخطط اني أوصله (خطة اللعبة) أو في هدف خفي في اللاوعي بيحاول يخرج بتصرفات أنا مش عارف بعملها ليه( زي الطفل الي بيكسر و يبهدل البيت لجذب الانتباه والاحساس بالاهتمام)….
الزوج الي مش عاجبه اهمال مراته لفطاره فعايز يوصل لها رسالة ب(لعبة هخدم نفسي بس استحملي) ببهدلة المطبخ و رزعة الباب والزوجة الي قررت تاخد دور (مش واخدة بالي) و بتحمد ربنا انه بيعمل لنفسه الفطار من غير ما يصحيها؛ بس طبعا تنظيف المطبخ أكيد مش أحسن بداية لليوم في نظرها..
البنت الي مش عاجبها تحكمات الأم وغضبانة وحزينة بتحاول توصل للأم رسالة بالرفض والتحدي والغضب للأوامر ب(لعبة الغضب)  لغة الجسد الغاضبة و الوش الحزين المكسور علشان توصل لهدفها من غير ما تزودها وتقفل الباب بعنف أحسن تخرب الدنيا مع الأم الي قررت تاخد دور (التجاهل والاصرار) وما اهتمتش لابتزاز بنتها العاطفي… 
البنت اليائسة الي بتحاول توصل للراجل قدامها رسالة ب(لعبة التعاطف) ضحية الظروف الحزينة المكسورة واعتراضها الضعيف على الحلول الي بيقدمها ليها خطوة في كسب تعاطف أكتر وفي المقابل الراجل بيلعب دور (المتعاطف الحكيم) الي عنده الحكمة والصبر وموهبة حل المشاكل وعجبه الدور ….
من منظور علم النفس الفرد بيختار دور من ثلاث أدوار أساسية:-
دور ولي الأمر (الوالد)(الأنا العليا)… 
دور العاقل الناضج (الراشد)(الأنا)… 
دور عدم النضج (الطفل)(الهو)…
و إن الأدوار دي هي صورة لذاتنا الثلاثية ولأنهم صور متفاعلة من الذات؛ فبيبقى عندنا القدرة على اختيار الدور الي بنلعبه في كل لعبة و نغير الأدوار حسب تغيرات ظروف اللعبة؛ مرة نحتاج الوالد المسيطر أو الطفل المدلل أو الراشد العقلاني…
لأ وكمان بنختار حالات الدور المختلفة الي بتناسب ظروف اللعبة؛ يعني ممكن ألعب دور الطفل الفضولي المبدع اللطيف؛ وممكن اختار الطفل العنيد الغاضب؛ حسب الهدف من اللعبة لأن كل حالة هي مرحلة في خطة اللعب ممكن تفيد وتحقق الهدف المرغوب أو لأ…
طيب ليه بنعمل كدة؟! ببساطة بنختار اللعب لأن التفاعلات الحقيقة معطلة؛ ولأننا بنحتاج نعبر عن رغبتنا و احتياجاتنا بطرق ملتوية!! أو بمعنى أصح بنختار احساس الأمان الطفولي باللعب لأننا كأطفال كنا بنحس بعفوية وأمان لما بنلعب وكنا بنحس بالتفوق والثقة لما بنكسب ونوصل لتحقيق هدف اللعبة…و مع فتح قنوات الحوار و ديناميكيات التفاعل في كل علاقة ببساطة هنوقف لعب لأننا هنختار الأفضل و المناسب الي هو دور الراشد المنطقي العقلاني ….